ومما يروى في ذلك أن معاذا أم قومه ليلة في صلاة العشاء بعد ما
صلاها مع النبي a،
فافتتح سورة البقرة، فتنحى رجل من خلفه وصلى وحده، فقال له: نافقت، ثم ذكر ذلك للنبي
a، فقال
الرجل: يا رسول الله إنك أخرت العشاء، وإن معاذا صلى معك ثم أمنا، وافتتح سورة
البقرة، وإنما نحن أصحاب نواضح نعمل بأيدينا، فلما رأيت ذلك تأخرت وصليت، فقال a:(أفتان أنت يا معاذ؟ اقرأ سورة
كذا، اقرأ سورة كذا)[2]
ويروى أن النبي a دخل بيته، فوجد امرأة، فقال: من هذه؟ قالوا: هذه فلانة وذكروا
من صلاتها، قال:(مه عليكم بما تطيقون، فوالله لا يمل الله[3]حتى تملوا، وكان أحب الدين إليه ما
داوم صاحبه عليه)[4]
وروي أن النبي a دخل المسجد، فإذا حبلٌ ممدودٌ بين الساريتين فقال: ما هذا
الحبل؟، قالوا: هذا حبلٌ لزينب، فإذا فترت تعلقت به، فقال النبي a:(حلوه، ليصل أحدكم نشاطه، فإذا فتر
فليرقد)[5]
وحدث بعض أصحابه قال: خرجت ذات يوم لحاجة، وإذا أنا بالنبي a يمشي بين يدي، فأخذ بيدي، فانطلقنا
نمشي جميعاً، فإذا نحن برجل يصلي يكثر الركوع والسجود فقال النبي a:(أتراه يرائي؟)، فقلت: الله ورسوله
أعلم، فترك يده من يدي، ثم جمع يديه، فجعل
[1] وفي ذلك يقول رسول الله
a:( إن الله يحب أن يؤخذ
برخصه، كما يحب أن يؤخذ بعزائمه، إن الله بعثني بالحنيفية السمحة دين ابراهيم، ثم
قرأ:﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ )(الحج:78)) رواه
الحاكم.
[2] رواه البخاري ومسلم،
وفي رواية:( اقرأ والشمس وضحاها، والضحى، والليل إذا يغشى، وسبح اسم ربك الأعلى)
[3] ومعنى لا يمل الله أي:
لا يقطع ثوابه عنكم وجزاء أعمالكم، ويعاملكم معاملة المال حتى تملوا فتتركوا،
فينبغي لكم أن تأخذوا ما تطيقون الدوام عليه ليدوم ثوابه لكم وفضله عليكم.