فقال:(اكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب،
وأنا رسول الله)، قال فكتب، فبينما نحن كذلك، إذ خرج علينا ثلاثون شابا عليهم
السلاح، فثاروا في وجوهنا، فدعا عليهم النبي a، فأخذ الله بأبصارهم، فقمنا إليهم
فأخذناهم، فقال لهم رسول الله a:(هل جئتم في عهد أحد، أو هل جعل لكم أحد أمانًا)، فقالوا: لا،
فخلى سبيلهم، فأنزل الله تعالى:﴿ وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ
عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ
عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً﴾ (الفتح:24)[1]
التفت إلى بات روبرتسون، وقال: لقد كان بإمكان رسول الله a أن يأسرهم أو أن يقتلهم، ولكن
سماحته أبت عليه ذلك.
وعندما أظفر الله نبيه a على أعدائه الذين استعملوا كل
الأساليب القذرة لحربه ماذا قال لهم؟
سكت الجمع، فقال: لقد قال لهم : (يا معشر قريش ما ترون أني
فاعل بكم؟)، قالوا: خيرًا، أخ كريم وابن أخ كريم، قال: (فإني أقول لكم
كما قال يوسف لإخوته:﴿ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ﴾ اذهبوا فأنتم
الطلقاء)
قال بات روبرتسون: ولكن الإسلام الذي تزعم أنه أبدى تسامحا
عجيبا في معاملة غير المسلمين كان شديد القسوة على المسلمين العصاة.. قارن ما وضع
الإسلام من حدود شديدة بما حصل من المسيح مع تلك المرأة الخاطئة[2].
قال الحكيم: إن الحدود في الإسلام ليست إلا نوعا من الروادع
التي تحفظ المجتمع من السقوط في حمأة الرذيلة، أوحمأة اللاأمن.. وهي مجرد إجراء من
الإجراء لا أنها كل
[1] رواه أحمد والحاكم،
وقال: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
[2] انظر التفاصيل الكثيرة
المرتبطة بهذا في سائر الرسائل، وخاصة (رحمة للعالمين)