أخيه المسلم كشف الله عورته حتى يفضحه بها في بيته)[1]
قال بات روبرتسون: فأنت بهذه النصوص التي تنقلها تكاد تلغي أهم
ما يطلبه أولئك المتطرفون الذين يريدون تطبيق الشريعة.
قال الحكيم: إن كان تطبيق الشريعة في تصورهم هو مجرد تطبيق
الحدود، فقد أساءوا فهم الشريعة.. فالحدود في الشريعة زواجر لا انتقام.. وهي في
ذلك كأسلحة الردع التي تخزنها الدول في مخازنها، لا لتنتقم بها، وإنما لتحافظ بها
على سلطتها ومهابتها.
ولهذا ورد في الحديث (تعافوا الحدود بينكم، فما بلغني من حد فقد
وجب)[2]
وقد ذكر ابن مسعود هيئة رسول الله a عند إقامة بعض الحدود، فقال: (إني
لأذكر أول رجل قطعه رسول الله a أتى بسارق، فأمر بقطعه، وكأنما أسف[3]وجه رسول الله a، فقالوا: يا رسول الله، كأنك كرهت
قطعه؟ قال: (وما يمنعني؟ لا تكونوا أعواناً للشيطان على أخيكم! إنه لا ينبغي
للإمام إذا انتهى إليه حد إلا أن يقيمه، إن الله عفو يحب العفو:﴿
وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ
وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ (النور:22)
بل كان الرجل يأتي إلى النبي a، فيعترف بأنه أتى ما يوجب الحد،
فلا يسأله عن هذا الحد: ما هو؟ وكيف اقترفه؟ بل يعتبر اعترافه هذا ـ الذي قد يعرضه
للعقوبة ـ توبة من ذنبه، وندماً على ما فرط منه، فهو كفارة له، فقد روى أبو داود
في باب (في الرجل يعترف بحد ولا يسميه) عن أبي أمامة: أن رجلاً أتى النبي a فقال: يا رسول الله، إني أصبت حداً
فأقمه علي. قال: (توضأت حين أقبلت)؟ قال: نعم. قال: