ثم قال: ألا ترون في هذه الآية كيف يأمر القرآن بقتل من يهتمون
بالحياة الدنيا ويعمرونها؟
قال الحكيم: أخطأت في فهمك لكلام الله.. فهؤلاء الذين يشرون
الحياة الدنيا الذين أمر المؤمنون بقتالهم إنما يشرونها بالظلم والاستبداد
والاستعمار.. ولو أنهم اشتروها بالطرق المشروعة لما عرض لهم أحد.
قال الحكيم: هذه الآية هي سيدة آي الباب.. وهي الحكم الذي يرجع
إليه في فهم كل ما يرتبط بالقرآن الكريم من آيات القتال والجهاد.
قال دوج: ولكن مثل هذا الأمر بالقتال لا نجده في المسيحية.
قال الحكيم: لأن المسيحية لم تكن في يوم من الأيام.. هي ولا
سائر الأديان.. دين الخلاص..
غضب دوج، وقال: كيف تقول ذلك.. والمسيحية هي دين الخلاص؟
قال الحكيم: الخلاص بمفهومه الشامل الذي يعني الحياة بجميع
أركانها لم يكتمل إلا في الإسلام.. فإن كان المسيحي ومثله كل متدين بأي دين من
الأديان، يسعى لخلاص نفسه.. فإن المسلم مطالب بأن يخلص كل المستضعفين.. ولهذا فإن
الجهاد في الإسلام لا ينسخ أبدا ما دام هناك من يكتوي بنيران الظلم والعبودية
والقهر.
فإن وجد من يريد أن ينسخ الجهاد فعليه أن يخلص الأرض من
المستكبرين المستبدين الظالمين.. وحينذاك، فلن يرفع مسلم سلاحا في وجه أحد.. فإن
رفعه قتل به.