قال الحكيم: هذه الآية كذلك مرجع من المراجع الكبرى التي يفهم
بها معنى الجهاد.. فالقتال لا يوجه إلا للمقاتلين.. فإن اعتزل الظالمون أو طلبوا
السلام وجب على المسلمين أن يجيبوهم له.
وقد صرحت بذلك آية أخرى يقول فيها الله تعالى:﴿ وَإِنْ
جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ
السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ (لأنفال:61)
انتفض دوج، وقال: أين تجد هذا في واقع المسلمين.. وأعداؤهم
يطلبون منهم السلام، وهم يأبون إلا الحرب؟
ابتسم الحكيم، وقال: أرأيت لو أن رجلا غصب أرضك، واستولى على
أملاكك، فإن غضبت وثرت، أرسل لك بكبرياء من يطالبك بالسلام، فإن شرطت عليه أن يرجع
لك حقوقك أولا رفض، وقال: ليس عندي إلا السلام.
فهل تراك تقبل؟
سكت دوج، فقال الحكيم: هذا ما حصل مع المسلمين في كل معاركهم مع
أعدائهم.. استعمروا أرضهم، ونهبوا ثرواتهم.. فإذا ما قام أحد منهم يطالب بحقه
اعتبر إرهابيا، واعتبر المعتدي مسالما.