قال الحكيم: وبذلك يكون الإرهاب هو السلام.. فالقوة لا تداويها
إلا القوة، ولهذا فإن الله تعالى قال في بيان الحكمة من تشريع القصاص:﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا
أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ (البقرة:179).. فبالقصاص تتحقق الحياة.
قال دوج: ولكن لم اعتبر القرآن إعداد العدة هو وسيلة السلام؟
قال الحكيم: لأن من البشر من لا يخاف إلا السلاح.. فهو لا يخاف
الله.. ولذلك يحتاج إلى سلاح يردعه.. لقد ذكر القرآن ذلك، فقال:﴿ لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي
صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ ﴾ (الحشر:13)
أسباب الحرب
أغلق دوج المصحف، وقال: لا طاقة لي بجدالك في هذا.. فالقرآن قد
وضع لكم المخارج التي تجادلون بها عنه.. ولهذا سأنزل بك إلى الواقع.. وسأقتصر منه
على واقع محمد.. ذلك الواقع الذي لم يكن فيه إلا القتال.
لقد قرأت سير المصلحين والأنبياء.. فلم أجد واحدا منهم حمل من
السيوف ما حمل محمد..
أشار إلى اللوحة، وقال: لقد سجلت في هذه اللوحة تلك المعارك
الكثيرة التي خاضها محمد، والتي لازال المسلمون يتباهون بها إلى اليوم.
قال الحكيم: وحق لهم أن يتباهوا.. فليس هناك حرب في الدنيا أنظف
من الحرب التي خاضها المسلمون..
لقد كانوا ثلة قليلة مستضعفة سامها أعداؤها الخسف.. ولكن الله
من عليها، وأعطاها من القوة بحيث استطاعت أن تنتصر على جميع أعدائها وفي مرحلة
وجيزة هي أقرب إلى الإعجاز منها إلى الواقع.