وأنت تعلم أن رسول الله a يشعر بمسؤوليته على الرعية التي
وكلت إليه حمايتها، فلذلك تعقبه رسول الله a في مائتي رجل من المهاجرين
والأنصار.
لكنه لم يتمكن من إدراكهم؛ لأن أبا سفيان ورجاله قد جدوا في
الهرب، وجعلوا يتخففون من أثقالهم، ويلقون السويق[1]التي كان يحملونها لغذائهم، وكان
المسلمون يمرون بهذه الجرب فيأخذونها، حتى رجعوا بسويق كثير، لذا سميت هذه الغزوة
بغزوة السويق، وعاد رسول الله a إلى المدينة بعد أن غاب عنها خمسة أيام دون أن يلقى حربا[2].
قهقه دوج بصوت عال، وقال: ألم يكفهم ما غنموه من السويق؟
قال الحكيم: ومع ذلك لا يستحي قومك.. فيضعون هذه الغزوة التي سد
فيها المسلمون بعض جوعهم في نفس الخانة التي يضعون فيها حروبهم الطاحنة التي تقتل
العباد، وتحرق البلاد.
غزوة ذي أمر:
سكت دوج، فنظر الحكيم إلى سيف آخر، وقال: هذا سيف يشير به
فناننا المبدع إلى غزوة ذي أمر.. وما أدراك ما غزوة ذي أمر[3]؟
قالوا: فحدثنا عنها..
قال الحكيم: لقد جاءت الأخبار من قِبَل الرجال الذين جعلهم رسول
الله a عيونا
تحفظ المدينة.. بأن رجال قبيلتي ثعلبة ومحارب تجمعوا بذي أمر بقيادة دُعثور بن
الحارث المحاربي، يريدون حرب رسول الله a، والإغارة على المدينة، فخرج a في أربعمائة وخمسين من المسلمين
بين راكب وراجل، فأصابوا رجلا كان يحمل أخبارًا عن قومه أسرَّ بها
[1] السويق: هو أن تحمص
الحنطة والشعير ثم يطحن باللبن والعسل والسمن.