أما المشركون من بني ثعلبة ومحارب، فما لبثوا أن فروا إلى رؤوس
الجبال عند سماعهم بمسير المسلمين، وبقي رسول الله a في نجد مدة تقارب الشهر دون أن
يلقى كيدًا من أحد وعاد بعدها إلى المدينة.
وفي هذه الغزوة أسلم دعثور بن الحارث الذي كان سيدًا مطاعًا بعد
أن حدثت له معجزة على يدي رسول الله a، فقد أصاب المسلمين في هذه الغزوة مطرٌ كثيرٌ فابتلت ثياب رسول
الله a فنزل
تحت شجرة ونشر ثيابه لتجف، واستطاع دُعثور أن ينفرد برسول الله a بسيفه، فقال: يا محمد من يمنعك مني
اليوم؟ قال: (الله)، ودفع جبريل في صدره فوقع السيف من يده فأخذه رسول الله a فقال: (من يمنعك مني) قال: لا أحد،
وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، والله لا أكثر عليك جمعًا
أبدًا، فأعطاه رسول الله a سيفه، فلما رجع إلى أصحابه فقالوا: ويلك، ما لك؟ فقال: نظرت
إلى رجل طويل فدفع صدري فوقعت لظهري، فعرفت أنه ملك، وشهدت أن محمدًا رسول الله،
والله لا أكثر عليه جمعًا، وجعل يدعو قومه إلى الإسلام[1].
التفت الحكيم إلى دوج، وقال: ألا ترى كيف كان للرعب تأثيره
النفسي في حفظ هذه القبيلة التي قصدها رسول الله a.. فلولا انتصارات رسول الله a السابقة لغامر هؤلاء بأنفسهم.. ولكن القوة
التي تمتع بها المسلمون هي التي حفظتهم.
[1] انظر هذه القصة وغيرها
مما يشبهها من حماية الله لنبيه a في رسالة ( معجزات حسية) من هذه السلسلة.