تجارتها، ولا يمكنهم الصبر عنها لأن بها حياتهم، أرسلوا عِيراً
إلى الشام من طريق العراق، وكان فيها جمع من قريش منهم أبو سفيان بن حرب، وصفوان
بن أمية، وحويطب بن عبد العزى، فجاءت أخبارهم لرسول الله a، فأرسل لهم زيدبن حارثة في مائة
راكب يترقبونهم، وكان ذلك في جمادى الآخرة، فسارت السرية حتى لقيت العِير على ماء
اسمه القَرْدَة بناحية نجد، فأخذت العِير وما فيها، وهرب الرجال، وقد خمَّس الرسول
a هذه
الغنائم ـ التي بلغت قيمتها مائة ألف درهم ـ حينما وصلت له.
التفت إلى الحكيم، وقال: أنت ترى أن أكثر هذه الغزوات يمر بدون
أي ضحايا، فكيف تشير إليها بالسيوف.
قال دوج:ولكنها نهبت أموالا.
قال الحكيم: لقد كانت تلك الأموال بعض حقوق المسلمين التي أكلها
المشركون، ولذلك استردها المسلمون عبر هذه السرايا.
ثم أضيف لك شيئا مهما قد تكون غفلت عنه.. كما غفل عنه الكثير،
وهو أن المشركين كان في إمكانهم أن يوقفوا هذه السرايا، وأن يأمنوا على نفوسهم
وقوافلهم لو أرادوا.. ولكنهم لم يريدوا.
قال دوج: تقصد إسلامهم!؟
قال الحكيم: بل أقصد إقامتهم لهدنة أو صلح بينهم وبين
المسلمين.. لقد كان في إمكانهم ذلك.. وسيجدون رسول الله a يقبل ذلك .. ولكنهم لم يفعلوا..
فكانوا بذلك هم المعتدين.
قال دوج: ومن أخبرك بأن محمدا سيقبل لو عرضوا عليه ذلك؟
قال الحكيم: لقد عرضوا عليه ذلك.. وبشروط مجحفة.. وفي وقت كان
فيه أقوى من هذه الفترة.. ومع ذلك قبل رسول الله a حرصا على السلام.