اسمعوا ـ أيها الجمع ـ إلى هذا الانتصار الذي رسمه سعد بن
الربيع بدمائه الزكية، قال زيد بن ثابت: بعثني رسول الله a يوم أحد أطلب سعد بن الربيع.
فقال لي: (إن رأيته فأقرئه مني السلام، وقل له: يقول لك رسول الله a : كيف تجدك؟) قال: فجعلت
أطوف بين القتلي، فأتيته وهو بآخر رمق، فيه سبعون ضربة ؛ ما بين طعنة برمح، وضربة
بسيف، ورمية بسهم، فقلت: يا سعد، إن رسول الله يقرأ عليك السلام، ويقول لك:
أخبرني كيف تجدك؟ فقال: وعلى رسول الله a السلام، قل له، يا رسول الله، أجد
ريح الجنة، وقل لقومي الأنصار: لا عذر لكم عند الله إن خلص إلى رسول الله a وفيكم عين تطرف، وفاضت نفسه من
وقته.
أرأيتم النصر العظيم الذي رسمه هذا الرجل العظيم بشهادته..
التفت إلى دوج، وقال: لا شك أنك توافقني في أن هذه الميتة
الشريفة نصر عظيم.. إنها لا تقل عن ذلك الموقف الثابت الذي نسبتموه للمسيح وهو على
خشبة الصليب.
سكت قليلا، ثم قال: لم يكن ذلك هو الموقف الوحيد.. كان ذلك
اليوم كله مواقف لا يزال يتزين بها التاريخ.. ولا زالت تملأ قلوب الأحرار..
عندما كان المسلمون يتفقدون الجرحي وجدوا الأُصَيرِِم ـ عمرو بن
ثابت ـ وبه رمق يسير، وكانوا من قبل يعرضون عليه الإسلام فيأباه، فقالوا: إن هذا
الأصيرم ما جاء به؟ لقد تركناه وإنه لمنكر لهذا الأمر، ثم سألوه: ما الذي جاء
بك، أحَدَبٌ على قومك، أم رغبة في الإسلام؟ فقال: بل رغبة في الإسلام، آمنت
بالله ورسوله، ثم قاتلت مع رسول الله a حتى أصابني ما ترون، ومات من وقته، فذكروه لرسول الله a، فقال: (هو من أهل الجنة)
وكان في القتلى رجل من يهود بني ثعلبة، قال لقومه: يا معشر
يهود، والله لقد علمتم أن نصر محمد عليكم حق،.قالوا:إن اليوم يوم السبت.
قال:لا سبت لكم.. فأخذ سيفه وعدته، وقال: إن أصبت فمالى لمحمد، يصنع فيه ما
شاء، ثم غدا فقاتل حتى قتل.فقال رسول الله a