وخلا اليهود بعضهم إلى بعض، فتآمروا بقتله a، وقالوا: أيكم يأخذ هذه الرحي،
ويصعد فيلقيها على رأسه يشدخه بها؟ فقال عمرو بن جحاش: أنا، فقال لهم
سَلاَّم بن مِشْكَم: لا تفعلوا، فوالله ليخبرن بما هممتم به، وإنه لنقض للعهد
الذي بيننا وبينه.. ولكنهم أبوا إلا أن ينفذوا ما عزموا عليه.
وفي ذلك الوقت أخبر الله تعالى رسوله a بما هموا به، فنهض مسرعاً وتوجه إلى
المدينة، ولحقه أصحابه، فقالوا : نهضت ولم نشعر بك، فأخبرهم بما هَمَّتْ به
يهود.
وما لبث رسول الله a أن بعث محمد بن مسلمة إلى بني النضير يقول لهم : (اخرجوا
من المدينة ولا تساكنوني بها، وقد أجلتكم عشراً، فمن وجدت بعد ذلك بها ضربت عنقه)
ولم يجد يهود مناصاً من الخروج، فأقاموا أياماً يتجهزون للرحيل،
بيد أن رئيس المنافقين عبد الله بن أبي بعث إليهم أن اثبتوا وتَمَنَّعُوا، ولا
تخرجوا من دياركم، فإن معي ألفين يدخلون معكم حصنكم، فيموتون دونك،م وتنصركم قريظة
وحلفاؤكم من غطفان..
وقد نص القرآن الكريم على مقولته، فقال:﴿ أَلَمْ تَرَ
إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ
أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ
فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ
إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾(الحشر:11)
وهناك عادت لليهود ثقتهم، واستقر رأيهم على المناوأة، وطمع
رئيسهم حيي بن أخطب فيما قاله رأس المنافقين، فبعث إلى رسول الله a يقول : إنا لا نخرج من ديارنا، فاصنع ما
بدا لك.
لقد كان الموقف شديد الحرج للمسلمين بعد أن تبنى أعداؤهم هذا
الأسلوب الخطير أسلوب الاغتيال والخداع..
ولذلك لم يجد رسول الله a بدا من الخروج إليهم.. فلذلك ما إن
وصله جواب حيي