لقد مكث رسول الله a بعد بدر الصغري في المدينة ستة أشهر، ثم جاءت إليه الأخبار بأن
القبائل حول دومة الجندل[1] تقطع الطريق هناك، وتنهب ما يمر
بها، وأنها قد حشدت جمعاً كبيرا تريد أن تهاجم المدينة، فاستعمل رسول الله a على المدينة سِبَاع بن عُرْفُطَة الغفاري،
وخرج في ألف من المسلمين لخمس ليال بقين من ربيع الأول سنة 5هـ، وأخذ رجلاً من بني
عُذْرَة دليلاً للطريق يقال له: مذكور.
وقد كان a يسير بالليل ويكمن النهار حتى يفاجئ أعداءهم وهم غارون، فلما
دنا منهم إذا هم مغربون، فهجم على ما شيتهم ورعائهم، فأصاب من أصاب، وهرب من
هرب.
أما أهل دومة الجندل ففروا في كل وجه، فلما نزل المسلمون
بساحتهم لم يجدوا أحداً، وأقام رسول الله a أياماً، وبث السرايا وفرق الجيوش، فلم يصب
منهم أحداً، ثم رجع إلى المدينة.
وبهذه الغزوة استطاع المسلمون بقيادة رسول الله a أن يقفوا في وجه كل من تحدثه نفسه
بزرع الرعب في نفوس الآمنين.
غزوة الأحزاب:
أشار الحكيم إلى سيف آخر، وقال: لعل صاحبنا الفنان يشير بهذا
السيف إلى غزوة الأحزاب.. فإن كان يريدها.. فهي من الغزوات التي تبرر الخيار الذي
اختاره رسول الله a
بالمواجهة الشديدة مع هؤلاء الذي لا يقنعهم سوى المنطق الذي تفرضه السيوف.
وقد كان الهدف المعلن من هذه الغزوة ـ التي خطط لها جميع أعداء
رسول الله a من
المشركين واليهود والمنافقين ـ هو القضاء على الإسلام قضاء كليا.
[1] دُومَة الجنْدَل مدينة
بينها وبين دمشق خمس ليال وبعدها من المدينة خمس عشرة ليلة وهي أقرب بلاد الشام
إلى المدينة وبقرب تبوك.