فليعلم أن سببها هو أن أناساً من عكل وعُرَينة يبلغ عددهم نحو
ثمانية قدموا على رسول الله a فبايعوه
على الإسلام وتلفظوا بكلمة التوحيد وكانوا حين قدموا المدينة سقاماً مصفرة ألوانهم
عظيمة بطونهم، فقالوا: يا رسول الله إنا كنا أهل ضرع (أي ماشية وإبل) ولم نكن أهل
ريف وكرهنا الإقامة بالمدينة، فلو أذنت لنا فخرجنا إلى الإبل فأمر لهم بذود من
الإبل ومعها راع، فانطلقوا حتى إذا كانوا ناحية الحرة وصحت أجسامهم باتباعهم إشارة
رسول الله a كفروا بعد إسلامهم وقتلوا راعي رسول
الله a وكان عبداً له، اسمه يسار، وحين
قتلوه مثلوا به فقطعوا يدهُ ورجله وجعلوا الشوك في عينيه واستاقوا الذود وحُمل
يسار ميتاً إلى قباء فدفن هناك.
وقد كان جزاء هؤلاء المجرمين أن بعث رسول الله a في آثارهم خَيلاً من المسلمين
قريباً من العشرين وأمّر عليهم كرز بن جابر الفهري فلقحهم فجاء بهم فأمر النبي a بقطع أيديهم وأرجلهم وسمّر أعينهم ولم يفلت
منهم أحد وتركوا في ناحية الحرة في الشمس حتى ماتوا.