والدسائس التي أرادت أن تجهز على الإسلام.. وأنت تعلم أن أهل
خيبر هم الذين حزبوا الأحزاب ضد المسلمين، وأثاروا بني قريظة على الغدر والخيانة،
ثم أخذوا في الاتصالات بالمنافقين وبغطفان وأعراب البادية، وكانوا هم أنفسهم
يتهيأون للقتال، فألقوا المسلمين بإجراءاتهم هذه في محن متوصلة، حتى وضعوا خطة
لاغتيال النبي a، وإزاء
ذلك اضطر المسلمون إلى بعوث متواصلة، وإلى الفتك برأس هؤلاء المتآمرين، مثل سلام
بن أبي الحُقَيْق، وأسِير بن زارم، ولكن الواجب على المسلمين إزاء هؤلاء اليهود
كان أكبر من ذلك، وإنما أبطأوا في القيام بهذا الواجب ؛ لأن قوة أكبر وأقوي وألد
وأعند منهم ـ وهي قريش ـ كانت مجابهة للمسلمين، فلما انتهت هذه المجابهة صفا الجو
لمحاسبة هؤلاء المجرمين.
قال رجل مسلم من الجمع: لقد سمعنا كثيرا في خلال حديثك عن
هؤلاء.. فحدثنا كيف تعامل معهم النبي a؟
قال الحكيم: لقد وقعت هذه الغزوة سنة سبع من الهجرة، وكان معه
1600 من المسلحين، منهم 200 فارس.. وقد استنفر a من حوله ممن شهد الحديبية يغزون
معه، وجاء المخلفون عنه في غزوة الحديبية ليخرجوا معه رجاء الغنيمة، فقال:(لا
تخرجوا معي إلا راغبين في الجهاد، فأما الغنيمة فلا).. لأن الله قد وعد رسوله a عند انصرافه من الحديبية في سورة
الفتح بمغانم كثيرة بقوله تعالى:﴿ وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً
تَأْخُذُونَهَا ﴾ (الفتح:20)
وقد روي أنه a لما أشرف على خيبر قال لأصحابه:(قفوا)، ثم قال:(اللهم رب
السموات وما أظللن، ورب الأرضين وما أقللن، ورب الشياطين وما أضللن، ورب الرياح
وما ذرين، فإنا نسألك خير هذه القرية وخير أهلها وخير ما فيها، ونعوذ بك من شرها
وشر أهلها وشر ما فيها أقدموا بسم الله)
فلما أصبح خرجت اليهود إلى زروعهم بمساحيهم ومكاتلهم، ودفع
رايته العقاب إلى الحباب بن المنذر، ودفع راية لسعد بن عبادة، ونزل بواد يقال له
الرجيع بينهم وبين غطفان لئلا