أن تبني له القصور، وينعم بما نعم به
المترفون، ولكنه أبى كل ذلك.. وليس ذلك من خلق المستبد أو المستعمر أو الذي يغلب
مصالحه على مصالح غيره.
قال آخر: اقتنعنا بهذا، فحدثنا عن الآخلاق
التي صاحبت تنفيذ محمد لما تتطلبه هذه الدوافع الشريفة.. فقد تكون الدوافع شريفة،
ولكن الطريق إليها خاطئ.
قال الحكيم: لقد عرفتم من خلال ما سردنا من آيات القرآن، ومن
خلال ما سردنا من حوادث السيرة أن محمدا a اضطر إلى استعمال السلاح اضطرارا..
ومع ذلك، ومع أنه أبيح له هذا الاستعمال إلا أنه أبيح مقيدا بقيود كثيرة ترفعه إلى
مستويات عالية لا نجد لها في تاريخ المبادئ مثيلا.
قال دوج: من السهل ادعاء مثل هذا.
قال الحكيم: ومن السهل إثبات مثل هذا.
قال رجل من القوم: فأثبت لنا وله ذلك.
قال الحكيم: سأذكر لكم أربع تشريعات مرتبطة بهذا.. وسأترك لكم
كل الفرصة لتبحثوا في جميع حروب الدنيا لتجدوا نظيرا لها..
قال الحكيم: أما التشريع الأول، فهو حرص الإسلام على المعاهدات
التي تحفظ السلام.. وهو ما يؤكد حرص الإسلام على السلام.
لقد رأيتم في عرضنا لغزوات النبي a ما وهبه الله من القوة بعد غزوة
الأحزاب.. بل كان يمكنه بعد فترة وجيزة من صلح الحديبية أن يفتح مكة.. ولكنه لم
يفعل حرصا على المعاهدة التي أقامها معها.
ونفس الشيء حصل مع جميع اليهود.. فلم يبدأهم a بالحرب حتى بدأوه.. ولم ينفذ فيهم
بعد خيانتهم له إلا ما استوجبته قوانين العدالة التي يرتضونها، بل التي أسس عليها
كتابهم المقدس.