قال الحكيم: عندما يكون هدف المحارب هو قضيته فقط.. ولا يكون له
أي غرض سواها.. وعندما تكون نفسه مشحونة بالإيمان الذي يطهرها من كل الأحقاد تكون
الحرب إنسانية.
قال رجل من الجماعة: فما مظاهرها في جهاد المسلمين؟
قال الحكيم: مظاهرها كثيرة.. منها مثلا: رحمة القتيل بالإجهاز
عليه، وعدم تركه لآلامه، كما أشار إلى ذلك قوله a:(إن الله كتب الإحسان على كل شيءٍ،
فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح
ذبيحته)[1]، فقد أمر a في هذا الحديث بالإحسان في القتل،
واعتبر إحداد الشفرة من إراحة الذبيحة.
وقد نص على هذا المظهر الإنساني قوله تعالى:﴿ فَإِذَا
لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ)(محمد:4)، فقد أمر الله تعالى
في هذه الآية المؤمنين بضرب الرقاب، وهي أقرب المناطق التي تيسر الموت الرحيم.
وبما أن المقاتل بين أن يقتل من يقاتله أو يأسره، فقد خص الله
تعالى موضعين فقط للمقاتل، أما أولهما فضرب الرقاب، وأما الثاني فضرب البنان الذي
هو رؤوس الأصابع، وذلك لمن يريد أسره حتى لا يبقي فيه عاهة مستديمة قال
تعالى:﴿ إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ
فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا
الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ﴾ (لأنفال:12)
التفت دوج، وقال للجمع: هل سمعتم مثل هذا.. إن القرآن يأمر بضرب
الرقاب، إنه يقول بكل قسوة:﴿:﴿ فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ
كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ ﴾ (محمد:4)
ابتسم الحكيم، وقال: وما تريد منه أن يقول في هذا الموضع؟.. هل
تريد أن يقول: فإذا