بعد أن أخبرني الغريب حديث هؤلاء العشرة الذين أرادوا أن يحيوا
سنة أبي جهل وأبي لهب، التفت إلي، وقال: لقد كانت تلك الأيام العشرة من أكثر
الأيام بركة في حياتي.. لقد كانت كالمطر الذي يغسل الأرض من أدرانها.. أو كالدواء
الشافي الذي ينقض على السموم، فيقضي عليها واحدا واحدا.
ابتسمت، وقلت: فأين تلك الدار المباركة التي حصلت ببركتها كل
هذه البركات، لعل الله ييسر لنا، فنجعلها مزارا؟
قال: لم تبق تلك الدار بعد تلك الأيام العشرة.. ولم يبق لها إلا
حديث طويل مر لازالت نفسي تتألم له.
قلت: هل ترى طائفا من السماء طاف عليها، فحولها كهشيم المحتضر،
أو ترى الطير الأبابيل عادت من جديد، فرمتها بحجارة السجيل؟
قال: لا هذا، ولا ذاك..
قلت: فما الذي حصل لها؟
قال: لذلك قصة طويلة سأختصرها لك اختصارا.
تنفس الغريب الصعداء بألم، ثم قال: في نهاية اليوم العاشر، وبعد
أن نثرت جماعتنا آخر سهم من كنانتها عاد أخي إلى دارنا بحزن شديد، وقال لي: أحضر
لي جميع الأقراص التي قمنا بتسجيلها في هذه الأيام العشرة.
فقلت له متعجبا: هل انتهيت من التجريب، وتريد أن تخوض غمار
التنفيذ؟
قال: ما تقصد؟
قلت: هل تريد أن تري قداسة البابا هذه الأقراص ليعاين الطريقة
الجديدة التي تقترح على الكنيسة أن تتعامل بها مع محمد، ومع الإسلام؟