قال الحكيم: ولكنكم تذكرون لنا ـ خلافا لنا ـ بأنه ظل على
خطيئته.. لقد قال أحدكم في كتاب كتبه عن أولياء الكتاب المقدس سماه (طريق
الأولياء): (يا أسفي على أنه لم تثبت توبته وعلى أنه ما استغفر اللّه لذنبه مرة
واحدة أيضاً)
نوح:
قال ذلك، ثم التفت إلى أخي قائلا: وما تقولون في نوح؟
قال أخي: نوح ـ في معتقدنا نحن المسيحيين ـ
هو الرجل البار الذي
ينجو من العقاب وينعم بالخلاص.. ففي وسط الشر المدمّر للعالم، يبرز نوح كرأس
للإنسانية الجديدة وصورة مسبقة للمسيح.
قال الحكيم: فافتح كتابك المقدس، واقرأ من سفر التكوين (9: 20)
أخذ أخي يقرأ: (واشتغل نوح بالفلاحة وغرس كرما، وشرب من الخمر
فسكر وتعرى داخل خيمته، فشاهد حام أبو الكنعانيين عري أبيه، فخرج وأخبر أخويه
اللذين كانا خارجا. فأخذ سام ويافث رداء ووضعاه على أكتافهما ومشيا القهقرى إلى
داخل الخيمة، وسترا عري أبيهما من غير أن يستديرا بوجهيهما نحوه فيبصرا عريه.
وعندما أفاق نوح من سكره وعلم ما فعله به ابنه الصغير قال: (ليكن كنعان ملعونا،
وليكن عبد العبيد لإخوته)، ثم قال: تبارك الله إله سام. وليكن كنعان عبدا له.
ليوسع الله ليافث فيسكن في خيام سام. وليكن كنعان عبدا لهم)
ابتسم الحكيم، وقال: ألا ترى الخطايا الكثيرة التي تفوح من هذا
النص، والتي تنسب لهذا النبي الكريم.
ألا ترون أن الذي شاهد عري أبيه هو (حام)؟
قال الجمع: نعم..
قال الحكيم: ولكن نوحا ـ في هذا النص ـ لا يلعن ابنه الذي
شاهده، وإنما يلعن نسل