يدعوني ويدعوك للتريث حتى نبحث في سير هؤلاء الأنبياء الذين
رأيت أن محمدا a أقل
شأنا من أن يوضع معهم.
آدم:
أشار الجمع موافقين لما ذكره الحكيم، فقال: فلنبدأ بآدم.. أليس
آدم أبا البشر، وأول الأنبياء.. أجبني ما مقامه فيكم[1]؟
قال أخي: هو فينا ذو مقام.. فهو أبونا الأول الذي ولدنا منه
الولادة الأولى.. وكل مسيحي يشعر أنه ابن آدم بحكم ولادته، ويولد ولادة جديدة في
المسيح بإيمانه، لذلك يحتفظ المسيحي بعلاقة دائمة مع آدم الأول وآدم الآخر، وإن
اختلفت طبيعة هذه العلاقة وأثرها في
[1] من المراجع التي رجعنا
إليها في ذكر ما نسبب للأنبياء من معاصي (إظهار الحق) لرحمة الله الهندي، وقد قدم
لذكره لما نسب للأنبياء باعتذار قال فيه:( اعلم أرشدك اللّه تعالى في الدارين أن
المسيحيين يدعون أن الأنبياء إنما يكونون معصومين في تبليغ الوحي فقط، تقريراً كان
أو تحريراً. وأما في غير التبليغ، فليسوا بمعصومين لا قبل النبوّة ولا بعدها.
فيصدر عنهم بعدها جميع الذنوب قصداً، فضلاً عن الخطأ والنسيان، فيصدر عنهم الزنا
بالمحارم فضلاً عن الأجنبيات، ويصدر عنهم عبادة الأوثان، وبناء المعابد لها، ولا
يخرج عندهم نبي من إبراهيم إلى يحيى عليهما السلام لا يكون زانياً أو من أولاد
الزنا أعاذنا اللّه من أمثال هذه العقائد الفاسدة في حق الأنبياء عليهم السلام.
وقد عرفت في الأمر السابع من مقدمة الكتاب، وفي الفصل الثالث والرابع من
الباب الأول، وفي المقصد الأول من الباب الثاني أن ادعاءهم العصمة في التبليغ
أيضاً باطل لا أصل له على أصولهم. ويصدر هذا الادعاء عنهم لتغليط العوام، فمطاعنهم
على محمد a في بعض الأمور التي
يفهمونها ذنوباً في زعمهم الفاسد، لا تقدح في نبوته على أصولهم. وإني وإن كنت
أستكره أن أنقل ذنوب الأنبياء والكفريات المفتريات عن كتبهم ولو إلزاماً، ولا
أعتقد في حضرات الأنبياء إنصافهم بهذه الذنوب والكفريات حاشا وكلا. لكني لما رأيت
أن علماء بروتستنت أطالوا ألسنتهم إطالة فاحشة في حق محمد a في الأمور الخفيفة،
وجعلوا الخردلة جبلاً لتغليط العوام الغير الواقفين على كتبهم، وكان مظنة وقوع
السذج في الاشتباه بتمويهاتهم الباطلة، نقلت بعضها إلزاماً، وأتبرأ عن اعتقادها
بألف لسان وليس نقلها إلا كنقل كلمات الكفر، ونقل الكفر ليس بكفر، وقدمت نقلها على
نقل مطاعنهم في محمد a
والجواب عنها)
وقد ذكر أنه نقل هذه النصوص وبعض التعليقات عليها من كتاب كتبه القسيس
(وليم اسمت) (من علماء بروتستنت كتاباً في لسان أردو وطبعه في البلد مرزابور من بلاد
الهند في سنة 1848 من الميلاد، وسماه طريق الأولياء، وكتب فيه حال الأنبياء من آدم
إلى يعقوب عليهم السلام ناقلاً عن سفر التكوين وتفاسيره المعتبرة عند علماء
بروتستنت)