ولكن الله خلص المسلمين منها بالعدول من العلماء الذين يغيرون
على مقام الأنبياء.
قلت: فهل ستحدثنا عن ذلك الآن؟
قال: لا.. حديث ذلك يطول.. ولكني سأقتصر منه على ما يتعلق بنبينا
محمد a..
فسلوني عما أشكل عليكم من الآيات.. وسأجيبكم بفضل الله ومنته.
وقبل أن تسألوني.. فقد رأيت أن كل النصوص التي قد يساء فهمها
ترجع إلى أمرين: أما أولهما، فهو تلك الشفافية الروحية التي كانت لنبينا a.. والتي جعلته ـ وهو الكامل ـ
يستشعر التقصير.. فلا يمتلئ لسانه وكيانه إلا عبودية وتواضعا واستغفارا.
وأما الثانية.. فهي أن النبي a هو محل قدوة للمؤمنين، فلذلك يكون
هو واسطة الخطاب الإلهي للمؤمنين، فيتوهم القاصرون أن ذلك الخطاب بما فيه من زجر
وعتاب خاص به a.
شفافية:
قام رجل من القوم، فقال: فلنبدأ حديثنا بما ذكره هذا الحبر من
الأحاديث الكثيرة التي نرى فيها محمدا يستغفر ربه.. ألا ترى فيها دلالة على
المعصية؟
قال الحكيم: لا.. لا أرى فيها ذلك.. بل أرى فيها نفسا ممتلئة
حياء من الله، فهي تستغفره كل حين من تقصيرها وتفريطها في حقه.. فمقام الله أعظم
من أن يؤدى.
ألا ترى الرجل الكريم يهدي الهدية التي لا هدية تعدلها، ومع ذلك
يقدمها بحياء، وكأنه يقدم ذنبا لا هدية.. بينما ترى الرجل الوقح يدل بالحقير، ويمن
به!؟
قال الرجل: ذلك صحيح..
قال الحكيم: فهكذا الأمر مع محمد a.. فقد كان له من الرقة والإيمان
والأدب مع الله ما جعله يدمن على استغفاره.
التفت إلى أخي، ثم قال: ليس هذا خاصا بمحمد a.. بل كل الصديقين والأنبياء