قال الصبي: إذا أوى إلى فراشه، فلير نعمة الله عليه به، وليذكر أن للنوم أخا لابد أن يأتي في يوم من الأيام.
قلت: أللنوم أخ!؟.. ما اسمه؟
قال: الموت.. الموت أخو النوم.. لقد قال الله تعالى يجمع بينهما:﴿ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (الزمر:42)
قلت: أتريد مني أن أنغص نومي بذكر الموت؟
قال: إنما ينغض نومه من كان موته قنطرة إلى جهنم، أما من كان موته قنطرة إلى الجنة، فإنه يتلذذ بذكره، ويتنعم به.
قلت: وما أدراني أين محلي.. ذلك غيب لا يمكن أن ندركه ما دمنا في هذه الدار؟
قال: ولكنا يمكن أن نمارس من الأسباب ما ندرك به مصيرنا..
قلت: لم أفهم.
قال: إن رب هذه الدار هو رب تلك الدار.. وقوانين هذه الدار هي قوانين تلك الدار.
قلت: وما في هذا؟
قال: أرأيت رجلا ليس له مأوى.. وكان له من الأسباب ما يبني به أحسن مأوى، ولكنه كان يرفض أن يفكر في ذلك.. أترى مصيره بيده، أم بيد غيره؟
قلت: بل هو بيده.. ولو كنت بدله لفكرت ليل نهار، واستعملت كل الأسباب للظفر بالمأوى الذي يأويني.
قال: فما عملته في هذا البيت الذي مصيره إلى الخراب اعمله للبيت الذي لا يصيبه الخراب.
قلت: وما علاقة ذلك بالنوم؟