حركتني هذه الأبيات لطلب صحبته.. فقصدته، فوجدته يتحدث مع بعض
القوم عن العبودية لله ومظاهرها.. فانتظرت حتى انتهى، وقلت: عهدي بالروحانيين من
المسلمين وغيرهم يصنفون السالكين إلى الله أو الواصلين إلى الله أصنافا عديدة،
فمنهم العارفون، ومنهم العباد، ومنهم الزهاد، ومنهم أهل الفتوة والمروءة..
وعهدي ـ كذلك ـ بهؤلاء يختلفون فيما بينهم اختلافا شديدا..
فللعارف حظه من عبودية السير الباطني، وللعابد حظه من عبودية السير الظاهري.. فمن
أي هؤلاء أنت؟
قال: أنا أسعى لأن أكون من أهل قوله تعالى:﴿ يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً﴾ (البقرة: 208)
قلت: ما علاقة الآية بهذا؟
قال: عندما سقط ورثة الأنبياء في هاوية الجزئية انفصلوا عن
أنبيائهم.. لقد ذكر الله تعالى ذلك، فقال:﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ
خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ
سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ
عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لا يَقُولُوا