قلت: أليس الإسلام دين حياة.. ودين جاء لإصلاح الدنيا.. ولا
يمكن تطبيق تعاليمه إلا في الدنيا؟
قال: بلى.. ذلك صحيح.
قلت: فلماذا زهد محمد في الدنيا كل هذا التزهيد؟.. ولماذا
احتقرها كل هذا الاحتقار؟
قال: أرأيت الصبي الذي تشغله لعبه عن
دروسه.. فيظل متعلقا بها لا يريد أن ينشغل عنها بأي شاغل؟
قلت: ما به؟
قال: ما رأيك لو ترك لهذا الصبي الحرية
المطلقة في التعلق بلعبه على حساب دراسته، فلم يؤدب، ولم يؤنب، ولم ينهر؟
قلت: لو ترك كذلك، فإن مصيره أن يعيش
جاهلا، ويموت جاهلا.
قال: فهذا ما أرادت النصوص المقدسة أن
تقرره.. فنبينا a حين ينهانا عن التعلق بالدنيا،
والانشغال بها يتعامل معنا كما يتعامل ذلك المؤدب مع الصبي الذي انشغل بلعبه عن
حياته وما تقتضيه حياته من معارف.
لقد ضرب القرآن مثلا يكاد يشبه هذا الصبي
المنشغل بلعبه.. لعلك تعرفه.. إنه قارون.. فقد كان حاله في انشغاله بكنوزه وزينته
لا يختلف كثيرا عن ذلك الصبي الذي حدثتك عنه..