وفي حديث آخر: قيل يا رسول الله a إن شئت أعطيناك خزائن الدنيا،
ومفاتيحها لم نعطها أحدا قبلك، ولا نعطيها أحدا بعدك، لا ينقصك ذلك عند الله شيئا،
فقال: (اجمعوها لي في الآخرة)، فأنزل الله:﴿ تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ
جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ
وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً﴾ (الفرقان:10)
وعن أم سلمة قالت: نام رسول الله a على وسادة حشوها ليف، فقام وقد أثر
بجلده، فبكيت فقال: (يا أم سلمة ما يبكيك؟) قلت: ما أرى من أثر هذه، فقال: (لا
تبكي، لو أردت أن تسير معي هذه الجبال لسارت)[2]
وروي أن جبريل u جلس إلى رسول الله a، فنظر إلى السماء، فإذا ملك ينزل،
فقال جبريل: إن هذا ملك ما نزل منذ خلق قبل الساعة، فلما نزل قال: يا محمد إن الله
تعالى يخيرك بين أن تكون نبيا عبدا أو تكون نبيا ملكا، فالتفت رسول الله a إلى جبريل كالمستشير له، فأشار
جبريل إلى رسول الله a
أن تواضع لربك، فقال رسول الله a: (بل أكون نبيا عبدا)، قال ابن عباس: فما أكل بعد تلك طعاما
متكئا حتى لقي ربه)[3]
وفي حديث آخر قال a: (عرض علي ربي ليجعل لي بطحاء مكة ذهبا، فقلت: يا رب، ولكن
أشبع يوما، وأجوع يوما ـ أو قال: ثلاثة، أو نحو هذا ـ فإذا جعت تضرعت إليك، وإذا
شبعت حمدتك، وشكرتك)[4]
بل إن النبي a كان يسأل الله أن يختار له هذا النوع من الحياة البسيطة التي
تجعله أقرب