سرت إلى القاهرة.. وبجوار الجامع الأزهر.. تلك القلعة التي لم
تستطع السنون مع طولها أن تنال من شموخها.. رأيت الوارث الخامس الذي تعلمت على يده
من علوم النبي a ما
جعلني أوقن يقينا تاما لا يزاحمه الشك بأن محمدا a قد اكتمل له من العلوم ما لا يكتمل
إلا للإنسان الكامل الذي أسندت له أخطر وظيفة في الأرض.
لقد كان اسمه (محمد).. وكانت الجماعة التي تحيط به، وتنهل من
علمه تطلق عليه (الباقر)[1].. وكان أشبه الناس في غزارة علمه بالباقر..
حتى كأنه الباقر نفسه عاد للحياة من جديد ليقف في ذلك الموقف من شوارع القاهرة.
عندما رأيته كان واقفا، وأمامه جمع من الناس يسألونه:
قال أحدهم: يا محمد.. يا من هو من نسل محمد.. أخبرنا عن أفضل
الصدقة.
قال: لقد سئل رسول الله a عن ذلك، فأجاب: (أن تصدق وأنت صحيح شحيح، تخشى الفقر، وتأمل
الغنى)[2]
قال آخر: إنا نرى القرآن يذكر المهاجرين بخير.. فهل انقطعت
الهجرة؟
قال: لقد أجاب رسول الله a عن هذا حين سأله أعرابي، فقال: يا
رسول الله، أخبرني عن الهجرة إليك، أينما كنت أم لقوم خاصة أم إلى أرض معلومة أم
إذا مت انقطعت؟
وقد أجابه رسول الله a بقوله: (الهجرة أن تهجر الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وتقيم
الصلاة، وتؤتي الزكاة، ثم أنت مهاجر، وإن مت في الحضر)[3]
قال آخر: أخبرنا عن ثياب أهل الجنة، أتخلق خلقاً، أم تنسج
نسجاً؟
[1] أشير به إلى الإمام محمد الباقر، ولا يخفى سر اختيارنا له
في هذا المقام.