ثم يقول: يا أصحابي.. هذه سنة الأنبياء..
وهذه سنة ورثة الأنبياء.. إن الله تعالى أعد لهم المقامات العالية الرفيعة، وهم لن
يثبتوا جدارتهم بها ولها إلا إذا ثبتوا في وجه كل أنواع البلاء التي تتربص بهم..
لقد كان في قدرة الله أن ينصر رسله
بمعجزة تقطع دابر المعتدين، ولكن الله أبى أن ينصر دينه إلا بذلك الجهد، وتلك
الهمم العالية التي لا تبالي ـ في سبيل الله ـ ما يصيبها من ضيق وضنك وألم.
لقد قال الله تعالى على ألسنة رسله
مخاطبين أقوامهم:﴿ وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى
اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴾ (إبراهيم:12)
أما محمد a.. قدوتنا الأكبر، وأسوتنا الأعظم، فأنتم
تعلمون ما حصل له.. لقد أُخرج من داره من مكة، ورجم بالحجارة في الطائف حتى سال
دمه، وهاجر إلى المدينة فارًا بدعوته، وجاهد حتى كسرت رباعيته، وشج وجهه، وكان
يؤذى في صلاته، وهو بمكة قبل الهجرة، ويوضع السلى على ظهره أثناء ركوعه وسجوده،
وما زاده ذلك إلا إصرارًا وعزمًا وثباتًا وصبرًا.
ثم نظر إلى السماء، وقال: لقد أنزل على
رسول الله a في تلك المواقف الشديدة آيات