responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : النبي الإنسان نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 337

ابتسم، ثم قرأ قوله تعالى:﴿ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64)﴾ (الواقعة)

ثم قال: إن الداعية إلى الله يذكر الله حين يدعو إلى الله، وهو لا يبالي حينها هل يخاطب حجرا أم شجرا، وهو لا يبالي حينها أنبتت البذور أم لم تنبت.. هو يذكر الله بدعوته لله.. ثم يدع الأمر بعد ذلك لله، فلله الأمر من قبل ومن بعد.

قلت: ولكن البصيرة تستدعي ألا تغرس إلا في محل الزرع؟

قال: وبصيرة البصيرة أن تعمل ما طلب منك في الوقت الذي طلب منك، ثم تكل الأمر بعد ذلك لله.

لعلك تعرف ابن عباس؟

قلت: وكيف لا أعرف ذلك الجبل الهمام.

قال: لقد كان في عهد النبي a صبيا صغيرا.. ولم يكن أحد من الناس يأبه له، ولكن النبي a كان يأبه له.. لقد خصه a بموعظة بليغة ظل يذكرها إلى آخر حياته، قال ابن عباس: كنت خلف النبي a يوما فقَالَ: (يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ اللَّه يحفظك، احفظ اللَّه تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل اللَّه، وإذا استعنت فاستعَنْ باللَّه، واعلم أن الأمة لو اجتمعت عَلَى أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه اللَّه لك، وإن اجتمعوا عَلَى أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه اللَّه عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف)[1]

انظر.. إن النبي a لم يحتج ليلقي هذه الموعظة البليغة لوضع الزرابي والجلوس على المنبر وحضور الجم الغفير، بل وجهها وهو راكب في طريقه بكل تلقائية وبساطة، فكان لها كل ذلك التأثير.


[1] رَوَاهُ الْتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح.

نام کتاب : النبي الإنسان نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 337
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست