منهن أم عمارة نسيبة بنت كعب التي كانت
من المدافعين عن النبي a يوم
أحد، حدث سعيد بن أبي زيد الأنصاري: أن أم سعد بنت سعد ابن الربيع كانت تقول:
دخلت على أم عمارة فقلت لها: يا خالة، أخبريني خبرك. فقالت: خرجت أول النهار أنظر
ما يصنع الناس، ومعي سقاء فيه ماء. فانتهيت إلى رسول الله a وهو في أصحابه والدولة والريح
للمسلمين. فلما انهزم المسلمون انحزت إلى رسول الله a فقمت أباشر القتال وأذب عنه بالسيف
وأرمي عن القوس حتى خَلَصَت الجراح إلي. قالت: فرأيت على عاتقها جرحا أجوف له
غَوْر، فقلت لها: من أصابك بهذا؟ قالت: ابن قَمِئة، أقمأه الله. لمّا ولّى الناس
عن رسول الله a أقبل يقول: دلّوني على محمد، لا
نجوتُ إن نجا، فاعترضت له أنا ومصعب بن عمير وأناس ممن ثبت مع رسول الله a، فضربني هذه الضربة، ولقد ضربته على ذلك
ضربات، ولكن عدوَّ الله كانت عليه درعان)[1]
ومنهن زينب بنت علي بن أبي طالب حفيدة
النبي a، أمها فاطمة، وجدها رسول الله a شهدت مأساة كربلاء، ورأت استشهاد أبيها
وأهلها، واجهت ابن زياد الأمير الطاغية بشجاعة نادرة وهي أسيرة لا تملك لنفسها
ولمن معها شيئا.
قال لها زياد: الحمد لله الذي فضحكم
وقتلكم وأكذب أحدوثتكم. فقالت زينب: الحمد لله الذي أكرمنا بنبيه a وطهرنا من الرجس تطهيرا، لا كما تقول
أنت، إنما يفضح الفاسق ويكذب الفاجر وهو غيرنا والحمد لله، فقال الطاغية: كيف
رأيت صنع الله بأهلك؟ قالت: كتب عليهم القتل، فبرزوا إلى مضاجعهم، وسيجمع الله
بينك وبينهم فتحاجّون إليه، فتختصمون عنده.