قال: السنة الثانية هي التحفيز.. فالكفاءة التي لا تجد التحفيز
الكافي لا تستطيع أن تؤدي أي عمل نافع.. بل يقف الإحباط بينها وبين أي إنجاز ناجح.
قلت: أعرف قيمة التحفيز.. فهل مارسه محمد في حياته الإدارية..
وكيف ذلك، وهو داعية آخرة، لا داعية دنيا؟
قال: التحفيز مرتبط بالحياة.. والحياة تشمل الدنيا والآخرة..
وليس الكمال إلا في التحفيز الذي يشملهما جميعا[1].
قلت: فحدثني عن بعض ما روي عن محمد في ذلك.
فكر قليلا، ثم قال: في تحرك من تحركاته a بجيشه نحو حُنين قال a لأصحابه: (ألا فارس يحرسنا
الليلة؟).. عندما قال هذا أقبل أنيس بن أبي مرثد الغنوي على فرسه فقال: أنا ذا يا
رسول الله، فقال a: (انطلق
حتى تقف على جبل كذا وكذا، فلا تنزلن إلا مصلياً أو قاضي حاجة، ولا تغرن من خلفك)،
قال: فبتنا حتى أضاء الفجر وحضرنا الصلاة، فخرج علينا رسول الله a، فقال: (أأحسستم فارسكم الليلة؟)،
قلنا: لا والله، فأقيمت الصلاة فصلى بنا، فلما سلّم رأيت رسول الله a ينظر خلال الشجر، فقال: (أبشروا
جاء فارسكم)، وعندئذ جاء الفارس، وقال: يا رسول الله إني وقفت على الجبل كما
أمرتني، فلم أنزل عن فرسي إلا مصلياً أو قاضي حاجة حتى أصبحت، فلم أحس أحداً، فقال
رسول الله a: (ما
عليه أن يعمل بعد هذا عملاً)[2]
نظر إلي، وقال: انظر كيف عمد رسول الله a إلى التخيير وبث روح المنافسة بين
فريق عمله، فقال: (ألا فارس يحرسنا الليلة؟)
[1] ذكرنا التفاصيل الكثيرة المرتبطة بهذا في رسالة (مفاتيح
المدائن)