قال: لقد روي أنه ضاعت منه درع، فوجدها
عند نصراني. فأقبل به إلى القاضي (شريح) يخاصمه، وقال علي: هذه الدرع درعي ولم أبع
ولم أهب، فقال شريح للنصراني: ما تقول فيما يقول أمير المؤمنين، فقال النصراني: ما
الدرع إلا درعي وما أمير المؤمنين عندي بكاذب! فالتفت شريح إلى على وقال: يا أمير
المؤمنين، ألك بينة؟ فابتسم علي وقال: أصاب شريح، ما لي بينة، فقضى بالدرع
للنصراني، فأخذها ومشى خطوات ثم رجع، فقال: أما أنا فأشهد أن هذه أحكام الأنبياء،
أمير المؤمنين يدينني إلى قاضيه فيقتضي فيقضي عليه، أشهد أن لا إله إلا الله وأن
محمداً عبده ورسوله.. الدرع والله درعك يا أمير المؤمنين، سقطت منك وأنت منطلق إلى
صفين، قال: أما إذ أسلمت فهي لك.
كان خصم محمد المهدي يتنصت علينا ليرى موقف محمد المهدي من حكم
القاضي.. فلما سمع ما سمع سقطت دموع حارة من عينيه، ثم جثا على ركبتيه بين يدي
محمد المهدي، وقال: هذا ما أردت منك.. هذا ما أردت منك..
أنا نصراني.. لعلي من أحفاد ذلك الرجل الذي خاصم عليا.. وقد
قرأت هذه الحادثة، وأثرت في تأثيرا عظيما.. ولكنها لما كانت مجرد أوراق حفظها
التاريخ لم تحيي في نفسي ما ينبغي أن تحييه، فلما رأيتها اليوم ماثلة أمامي أحيت
ما كان ميتا.. وأنا اليوم أشهدك، وأشهد الجمع بأن الحق لك.. وأني لم أقم بما قمت
به إلا اختبارا للعدالة التي جاء بها محمد.. وأنا اليوم أقول ما قال ذلك النصراني
لعلي: (أشهد أن هذه أحكام الأنبياء، أمير المؤمنين يدينني إلى قاضيه فيقتضي فيقضي
عليه، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله)
الأمن
في اليوم الرابع، طلب مني محمد المهدي أن
أسير معه للثكنة التي يدرب فيها الجند المكلف بحماية أمن المدينة، فقلت: ألهذه
المدينة الممتلئة سلاما ثكنة وجيش!؟