بعد أن خرجت من تلك المدينة العجيبة قصدت بلاد الشام، ونزلت
بلدة بها تسمى (حلب)، لاشك أنكم تعرفونها.
لقد شد انتباهي في تلك المدينة ما رأيت أهلها ينعمون به من صحة
أجسام، وعافية أبدان، وصفاء نفوس.. لقد كانت دماء الحياة تسري في وجوههم طاهرة
نقية لم يخالطها أي دنس.
وكان جوها كأهلها نقيا صافيا لم يتدنس بأي تلوث..
وكانت مياهها مثل ذلك جميعا عذبة صافية حية تملأ جميع ما يحيط
بها حياة.
لقد عجبت في البداية لما رأيت، بل ذهب وهمي إلى أن سر ذلك قد
يعود إلى تمدن هذه المدينة وأخذها بأسباب الحضارة الحديثة.. لكني بعد ذلك علمت أن
سر ذلك يعود لوارث من ورثة النبوة امتلأ بهذا الجانب من الوراثة، فراح ينشره على
المدينة عافية وصحة وسلاما.
لن أطيل عليكم.. بل سأكتفي بأن أحدثكم باختصار[1] عن بعض ما تعلمت في هذه المدينة
مما ملأني بالقناعة بأن محمدا a لم يكتف بأن يكون طبيبا للأرواح، بل ضم إلى ذلك
[1] ننبه إلى أننا في هذا الفصل نحاول أن نذكر باختصار بعض ما
نبه عليه a من قوانين الصحة.. أما
التفاصيل الكثيرة المرتبطة بهذا، فقد خصصنا لها رسالة خاصة هي (ابتسامة الأنين)
بالإضافة إلى هذا، فقد ذكرنا في رسالة (معجزات علمية)
بعض ما يرتبط بهذا الجانب العظيم من جوانب النبوة.
وننبه ـ هنا ـ إلى أننا لا نوافق على الموقف السلبي
لبعض علماء المسلمين من هذه الناحية، وهو موقف ناتج عن استعمل خاطئ لسد الذرائع..
وننبه ـ كذلك ـ إلى أننا لا نوافق على الاستغلال
السيئ لما يرتبط بهذه الناحية من الهدي النبوي.
ولذلك لا نقبل ما يقال فيها إلا من العلماء المختصين
الذين جمعوا بين العلمين.. ولذلك فالوارث الذي اخترناه لهذا الفصل وارث جمع بين
العلمين، وتحقق بكلا الهديين: هدي النبي a، وهدي ما دله عليه العلم.