الصفحة، فقال له رسول الله a: (يا غلام سم الله، وكل بيمينك،
وكل مما يليك)[1]
قال الولد لأبيه: هل سمعت الوارث يحدثك عن سر تخصيص اليمين
بالأكل؟
قال الأب: لم أسمعه.. ولكني أحسب أن الله قد هداني إلى سر ذلك.
قال الولد: وما سره؟
قال: لقد رأيت حرص الشريعة على الطهارة عموما، وطهارة الطعام
خصوصا، وكان ذلك يستدعي تمييز دور كل يد، بحيث لا تختلط الوظائف.. وقد رأى النبي a من الحكمة المراعية للفطرة تخصيص
يد للتنظيف، ويد للطعام حفاظا على الطعام من مخاطر التلوث، ولهذا قالت عائشة: (كانت
يد رسول الله a
اليمنى لطهوره وطعامه، واليسرى لخلائه وما كان من أذى)[2]
قال الولد: صلى الله عليك يا رسول الله وعلى آلك الطاهرين.. ما
أعظم حرصك علينا.. وما أعظم منن الله بك علينا.
شعرت بتأثر عظيم لهذا المشهد، ابتدرت له عيوني بدموعها.. فخرجت
بعد أن دفعت ثمن ما أكلته.. وكان مبلغا زهيدا، مقارنة بما أكلته وما تعلمته..
النوم:
بعد أن خرجت من المطعم، رحت أبحث عن فندق لأقيم فيه في انتظار
قدوم الوارث..
ما سرت قليلا حتى رأيت فندقا يتربع على ساحة خضراء مزينة بأنواع
النباتات والزهور.. فذهبت إليه.. وقد شد انتباهي الصمت المطبق الذي كان يشمل
الفندق مع أننا كنا في الظهيرة.
في المدخل أوقفني البواب.. وقال لي بصوت قريب إلى الهمس: تعال
يا أخي، ولا