سكت الرجل، فالتفت البغدادي إليه بأدب،
وقال: هل انتهيت؟
قال الرجل: ألم يكفكم ما ذكرت من أدلة؟
قال البغدادي: فهل تأذن لنا في الإجابة
عنها؟
قال الرجل: هي أوضح من أن تحتاج إلى
إجابة.. إلا إذا أردت أن تفر إلى التأويل..
قال البغدادي: إذن.. دعنا نسألك، ونستفيد
منك.
قال الرجل: سل ما بدا لك.. فلن تجدني إلا
عليما.. لقد ورثنا العلم كابرا عن كابر.. أنا أحفظ الكتب العشرة.. بل لدي
أسانيدها.. لكن هؤلاء لا يفقهون، ولا يقدرون.
قال البغدادي: هل قرأت الأحاديث التي
وردت في الحجامة[1]؟
قال الرجل: وكيف لا أقرؤها.. بل لدي
أسانيدها.
قال البغدادي: فاسردها علي..
قال الرجل: هي كثيرة.. منها قوله a: (إن في الحجم شفاء)[2]، وقوله a: ( إن جبريل أخبرني أن الحجامة أنفع ما
تداوى به الناس)[3]، وقوله a: (إن كان في شيء مما تداوون به خير فالحجامة)[4]، وقوله a: (ما مررت ليلة أسري بي على ملأ من
الملائكة إلا كلهم يقول لي: عليك يا محمد بالحجامة)[5]
قال البغدادي: أهذا ما ورد فقط في
الحجامة؟
[1] ذكرنا الحجامة باعتبارها من المسائل التي توجه لها هؤلاء
المنكرون بالنقد مع صحة الأحاديث الواردة فيها..