سكت الرجل قليلا، فقال البغدادي: أنت بين
أمرين.. إما أن تكذب محمدا a
فيما أخبر به.. أو تخطئه وتخطئ معه جبريلا والملائكة ـ عليهم السلام ـ وتعتبرهم
غاشين لا ناصحين.
وإما أن تسلم لنبيك.. ثم تحاول أن تفهمه،
وترتقي للأبعاد التي تحدث عنها.
قال الرجل: قد أسلم لك في الحجامة.
قال البغدادي: إذا سلمت لي في الحجامة
سلمت لي في غيرها؟
قال الرجل: أنت تلزمني بما لا يلزم.
قال البغدادي: بل ألزمك بما يلزم.. لأنك
إذا ذكرت بأن النبي a شرع لنا العلاج بالحجامة، أو
وصفها لنا كعلاج انهارت جميع المبادئ التي ذكرتها.. فاعتبرت النبي a حينها طبيبا يمكن أن يصف علاجا.
قال الرجل: الطبيب لا يمكن أن يعرف بدواء
واحد.
قال البغدادي: لقد ذكر النبي a منظومة كاملة من العلاج ومنظومة كاملة
من الوقاية.. ولكن سوء الفهم هو الذي حال بين الناس وبين الاستفادة منها.. وهم في
ذلك يظلمون أنفسهم ويحتقرون نبيهم.
قال الرجل: كيف ذلك؟
قال البغدادي: أما ظلمهم لأنفسهم، فهو
يشبه ما ذكرت عن نفسك.. فأنت ـ بحمد الله ـ فقيه محدث.. ولكن قومك مقصرون في
الاستفادة منك، وهم يظلمون أنفسهم بذلك.
وأما الاحتقار.. فإن هؤلاء يكادون يقولون
لنبيهم من غير أن يشعروا: (أنت لست أهلا