قال البغدادي: هي ليست زمرتي.. فأنا لست
سوى عبد من عباد الله القاصرين.. ولكني لا أرى إلا أنك محاط ضمن هذين الاحتمالين.
سكت الرجل قليلا، ثم قال: فما تقول فيما
أوردت من نصوص بشرية رسول الله a؟
قال البغدادي: أما ما قرأته من قوله
تعالى:﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ﴾ (الكهف: 110)، فالصحيح في قراءتها:﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ
يُوحَى إلي﴾
(الكهف: 110)
والصحيح في فهمها هو ما عبر عنه قوله
تعالى:﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى
(4)﴾ (النجم)
وأما الأحاديث التي رويتها
فالأصح في فهمها هو ما ارتبط بالظن المحض، وفي هذا يذكر النبي a عادة ما يدل عليه..
قال الرجل: ألا يمكن أن تكون الأحاديث
الأخرى التي وردت في النواحي الطبية مشابهة لهذا؟
قال البغدادي: يستحيل ذلك.
قال الرجل: وكيف عرفت الاستحالة؟
قال البغدادي: نصوص الأحاديث تنبئ عن
الاستحالة.. ففرق كبير بين قوله a: (ما أظن ذلك يغني شيئا).. وبين قوله بصيغة الجزم
والتأكيد: (إن في الحجم شفاء)[1]
وفرق كبير بين أن يخاطب بعض الفلاحين في
حقل من الحقول.. وبين أن يخاطب الأمة جميعا في أمر يرتبط بصحتها وعافيتها بمثل ذلك
الجزم والتأكيد.
ثم فوق ذلك.. فإن النبي a ربط الأمر بالوحي..فقال: ( إن جبريل
أخبرني أن الحجامة أنفع ما تداوى به الناس)[2]، وقال: (ما مررت ليلة أسري بي
على ملأ من الملائكة إلا كلهم