responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : النبي الإنسان نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 563

لم أجد أي إجابة على أي سؤال طرحته..

وقد أجابني جميع الشعراء والأدباء ابتداء مِن هوميروس، إلَى امرئ القيس.. فمن بعده من شعراء الأمم: بأنه لَم يكن منهم إلَّا إثارة كامن العواطف، وتنبيه النائم من الأفكار، أو إحداث لذة أو ألم في النفوس.. أما حل معضلات الحياة الإنسانية، وعويصات مشاكلها؛ فذلك أمر بعيد المنال.. وسبب ذلك بسيط.. وهو أنهم في سيرتهم وأعمالهم لا يُقَدِّمون للناس المُثُل الَّتِي تُحتذى، والأسوة الَّتِي يُقتَدى بهم فيها.

فتركتهم، ورحت إلى الفلاسفة والحكماء الذين بهروا العقول بفلسفتهم، وحاولوا تغيير تيار الحياة البشرية؛ فلم أجد عندهم ما يشفي غليلي..

لقد وجدت أرسطو؛ الذي وضع في فلسفة الأخلاق قوانين أَسَّسَ بنيانها، ووَطَّد أركانها، ولا تزال الجامعات وأساتذتها عاكفين علَى دراستها؛ ولا زال المثنون يثنون علَى ثقوب فكره، وبُعد نظره وحَصافة رأيه ورَجاحة عقله، ولكني ـ عندما بحثت عن أثره وتأثيره ـ لم أجد رجلًا واحدا اهتدى بدراسة فلسفته، أو وصل بها إلَى السعادة المنشودة.

وهكذا رأيت في الكليات المختلفة أفاضل من العلماء وفحول الأساتذة والمدرسين يُعْجِب الطلبةَ فصيحُ كلامهم، وبراعةُ بيانهم، وبليغُ حِوارهم، وعَذْبُ حديثهم، وهم يُؤَثِّرون فيهم بذلاقة ألسنتهم، واتساق أفكارهم، وترتيب معانيهم. لكنهم؛ لا تعدوا محاضراتهم جدران كلياتهم وقاعات محاضراتهم، وإذا خرجوا منها أصبحوا كعامة الناس لا يمتازون عليهم بعمل تتخذه الإنسانية مثالًا يُحتذى، ولا بخُلُقٍ يختلفون به عن غيرهم هَدْيًا وسَمْتًا.

وقد رأيت في مقابل الفلاسفة والحكماء كثيرًا من الملوك الجبابرة الَّذِين حكموا العالَم، واستولوا علَى المماليك، واستعبدوا الأمم، كم من أرض عمروها، ومدينة دمروها، وكم وضعوا شعوبًا ورفعوا آخرين، وكم سلبوا ومنحوا، وضروا ونفعوا.. لكن سيوفهم ـ التي قدرت على كل ذلك ـ لم تستطع أن تستل الرذائل من قلوب أهلها، وأن تحسم مادة الشر في نفوسهم، وأن تطهر صدورهم من فساد السرائر، ذلك الفساد الَّذِي يحمل أهله علَى ارتكاب المعاصي

نام کتاب : النبي الإنسان نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 563
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست