ووضعت فيه أسماء قادة جيوش: عاشوا بين
ضباطهم وجنودهم يُرْهِبون الناس ويخيفونهم بشدة بأسهم وضخامة أجسامهم ورواء
هندامهم.
ووضعت فيه أسماء مستعمرين دوخوا البلاد،
واستولوا علَى المماليك..
ووضعت فيه أسماء حكماء وفلاسفة.. ووضعت فيه
أسماء شعراء.. ووضعت فيه أسماء أغنياء..
سكت قليلا، وكأنه يسترجع ذكريات بعيدة، ثم
قال: لقد وضعت في ذلك السجل أسماء: هنيبعل القرطاجني والإسكندر المقدوني وقيصر
الروم ودارا الفارسي ونابليون الفرنسي.. وغيرهم ممن كان يملأ عيون بني آدم بعظمته
وأحداث حياته ومختلف أعماله.
ووضعت فيه أسماء سقراط وأفلاطون وديوجنس
وغيرهم من حكماء اليونان وغير اليونان ـ مثل سبنسر وأضرابه ـ ؛ وكل من تجتذب
سيرتهم النفوس وتروق القلوب.
وبعد أن انتهيت من إحصاء ما استطعت من
أسماء.. رحت أسأل نفسي.. بل أسأل الأسماء التي ملأت علي عقلي، كما ملأت قبل ذلك
سجلي أقول لها:
من منكم لديه الترياق الذي يضمن به فلاح
الإنسانية؟
من منكم لديه الطاقة التي يستطيع بها أن يضع
منهج صلاح الإنسانية وسعادتها؟
مَن منكم إذا اهتدى الناس بهديه يَنجون من
المهالك، ويسلكون سبيل السعادة والهناء؟
مَن منكم وقف حياته علَى حل مُعضلات البشر،
وكانَ حريصًا علَى عقد أواصر الإخاء بينهم علَى الحق والتواصي في الخير؟
لقد قلت لهم: هل يوجد فيكم ما يستعين به بنو
الإنسان علَى تخفيف ما يُعانونه من الغمرات في حياتهم الاجتماعية؟ أم في أخلاقكم
وأعمالكم ما ييسر للإنسانية الشفاء من أمراضها الخلقية وأوصابها النفسية؟ أم في
دعوتكم ما يجلو صدأ القلوب ورينها، أو يرتق فَتْقًا في الحياة الاجتماعية؟