قلت: فلنفرض أن إنسانا عجوزا يحتضر ظل يقولها بيقين أتراه يعمر
عمر نوح؟
قال: ولم يعمر عمر نوح؟
قلت: ألم تذكر أنه لا يصيبه ضرر؟
قال: بلى.. لقد قلت ذلك..
قلت: وهل ينسجم الموت مع الضرر؟
قال: قد يكون الموت هو دواء الضرر.. ألم تسمع قوله a: (لا تدعوا بالموت ولا تتمنوه، فمن
كان داعيا لابد فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفنى إذا كانت
الوفاة خيرا لي)[1]
لقد اعتبر رسول الله a في هذا الحديث الموت خيرا.. كما اعتبر الحياة خيرا.. وطلب أن
ندعو الله بأن يحيينا في أحد الخيرين: خير الحياة، أو خير الموت.
قلت: سلمت لك بأن الموت قد يكون خيرا.. والدليل على ذلك أن من
البشر من يلجأ إلى الانتحار ليهرب من آلام الحياة.. ولكن هناك أضرار أخرى غير
هذا.. هناك المرض والفقر.. وأشياء كثيرة.. فهل ترى أن في ذلك الذكر ما يكفي لصد
هذه الأضرار جميعا؟
قال: أجل.. وصدق رسول الله a..
قلت: أنا أسألك عن سر ذلك.
قال: الضرر درجات.. والنفع درجات.. فقد يضرك ما تظن أنه ينفعك،
وقد ينفعك ما تظن أنه يضرك.. ألا ترى أنه لا نفع لمريض استبد به الداء مثل جراحة
يقوم بها جراح ماهر من أجل استئصال جميع آثار الداء؟