قال: فالله تعالى بحكمته ورحمته قد يجري على حياتنا بعض هذه
العمليات البسيطة التي تترفع بها أرواحنا، وتتطهر بها قلوبنا، وتصفو بها نفوسنا..
ولا يمكن أن نعتبر هذه العمليات ضررا.. بل هي نفع محض.
بعد أن انتهى الجمع من ترديد تلك العبارة انتقلوا إلى عبارة
أخرى يرددونها بصوت عذب جميل (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق)
قال لي جعفر: إن هؤلاء يستنون في هذا بما ورد في الحديث من أن
رجلا جاء إلى النبي a،
فقال: يا رسول الله! ما لقيت من عقرب لدغتني البارحة، قال: (أما لو قلت حين أمسيت
(أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) لم تضرك)[1]
قلت: أهذا كذاك؟
قال: هو مثله.. وهو لا يعني ـ عند السالكين ـ الذين لا يطلبون
من الله إلا الله إلا تربية قلوبهم على اللجوء إلى الله، فالله الذي خلق الخلق هو
الحصن الحصين الذي لا يجد المتحصنون حصنا أوثق منه.
قال: هم يحترزون بما أمروا أن يحترزوا به.. وهم واثقون من أن
أوثق حرز هو ما علمهم إياه أعرف العارفين بالله.
قلت: ألا يمكن أن يؤدي هذا إلى التساهل في التحصن؟
قال: لا.. بل إن العارفين يفهمون من هذا إرشادا إلى التحصن.
قلت: كيف فهموا ذلك؟
[1] رواه مسلم، وفي رواية للترمذي: (من قال حين يمسي ثلاث مرات: أعود بكلمات
الله التامات من شر ما خلق، لم يضره حمة تلك الليلة)، والحمة: لدغة كل ذي سم
كالعقرب ونحوها.