للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر،
فكان خيرا له)[1]
وشكر اللسان ـ مثلا ـ هو الثناء على المنعم بفضله، ومما يروى في ذلك أن
رسول الله a صلى صلاة الصبح بالحديبية في إثر سماءٍ
كانت من الليل، فلما انصرف أقبل على الناس، فقال: هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا:
الله ورسوله أعلم. قال: (أصبح من عبادي مؤمنٌ بي، وكافرٌ، فأما من قال مطرنا بفضل
الله ورحمته، فذلك مؤمنٌ بي كافرٌ بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا،
فذلك كافرٌ بي مؤمنٌ بالكوكب)[2]
وهكذا شكر سائر الجوارح، فشكرها هو مكافأة النعمة بفعل الجوارح من
خلال خضوعها واستجابتها لأمر الله تعالى ونهيه، كما قال تعالى:﴿ اعْمَلُوا
آلَ دَاوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ (سـبأ: 13)
وقد روي أن النبي a كان
يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقيل له: لم تصنع هذا يا رسول الله، وقد غفر الله
لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟! قال: (أفلا أحب أن أكون عبداً شكوراً؟)[3]
قلت: سلمت بهذا، ووعيته.. ولكن شبهة ترد على خاطري.. وربما ترد على
خواطر الكثير، وهي أن في الشكر حظا للمشكور.. وبما أن الله غني عن عباده غنى
مطلقا، فكيف يطلب منا أن نشكره، وكيف يعتبر الشكر مقاما من مقامات الوصول إليه؟
قال: تعالى الله عن الحظوظ.. فالله هو الغني الحميد، وكل ما نفعله
ليس إلا لمصالحنا.. فالله الكريم الجواد الحكيم اللطيف بعباده، اقتضى جوده وحكمته
أن يرتبا لطفه بعباده على أسباب من العبادة والسلوك.. وليس لله من ذلك شيء.