قال: أن تختار المحل المناسب للنصيحة، فلا تنصحه إلا في الوقت
والمحل الذي تراه مناسبا لها، وقد قال في ذلك ابن مسعود :(إن للقلوب شهوة
وإقبالاً، وفترة وإدباراً، فخذوها عند شهوتها وإقبالها، وذروها عند فترتها
وإدبارها)
قلت: علمت هذا.. فما سابعها؟
قال: أن لا تذكر لمن تنصحه ذنبه.
قلت: فكيف أنكر عليه إذن؟
قال: إذا رأيت عاصيا، فحدثه عن شؤم معصيته، ولا تحدثه عن
اقترافه لها.. فإنك إن فعلت ذلك عيرته، وإذا عيرته منعته من قبول نصيحتك.
قلت: صدقت، وقد وردت النصوص المقدسة بذم التعيير، وقد جاء في
الحديث قوله a:(لا تُظْهِر الشماتة بأخيك فيعافيه الله ويبتليك)[1]، وقال a:(من
عيَّر أخاه بذنب لم يمت حتى يعمله)[2]
قال: وعلى هذا نص الكل.. ولا ينبغي للفقيه إلا أن ينص على هذا.
قلت: فقهت الجملة، فأين التفاصيل؟
قال: اصحبني إلى مدرسة الحسبة لتتعلم
الحسبة، وأسرار التأثير فيها.
قلت: ألا تزال توجد مثل هذه المدارس في هذا
الزمن؟
قال: وما يمنع من وجودها؟
قلت: لقد استبدلت الآن بغيرها.
قال: لقد آثر أهل البلدة المباركة، وآثر
حكامها أن لا يستبدلوا هذا لما رأوا من بركاته.
قلت: فدلني على هذه المدرسة.. فما أشد شوقي
لأن أرى في ديار الإسلام مثل هذه