وحرمة الفرقة.. وكأنها تقول لنا:(إن من لم يستطع أن يملأ عالمه
بالسلام والألفة لا يستطيع أن يملأ عوالم غيره بها.. وإن من لم يستطع أن يرتب
بيته، فهو أعجر من أن يرتب بيوت غيره)
قال ذلك، ثم التفت بأدب إلى شكيب، وقال: اعذرني.. فأنت تعلم طبعي..
واصل حديثك..
ابتسم شكيب، وقال: بورك فيك وفي هذه اللطيفة التي ذكرتها..
لقد ذكرت لكم أن النصوص المقدسة كلها تحض على الألفة وتعتبرها من نعم
الله العظمى على عباده.. وهكذا ظل الأمر في حياة رسول الله a..
فلما اختار الله رسوله a الى جواره .. فعلت السياسة فعلها، وعادت العصبيات إلى سابق عهدها،
فتعددت الأحزاب والفرق والطوائف، وكثرت الخلافات المسائل الجدلية، وترامى المسلمون
بالتهم، وساءت بينهم الظنون، ومشى كل فريق في طريق، فضلّت بهم السبل عن الطريق
السوي، وذاق بعضهم بأس بعض.
تلك حال المسلمين اليوم، وإن داءهم لقديم منذ تدابروا وتقاطعوا
وصاروا شيعاً، يصدق عليهم قوله تعالى:﴿ فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ
بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾ (المؤمنون:53)
ولا صلاح لهم، ولا شفاء من دائهم، إلا بأن يعودوا كما بدأهم الله أمة
واحدة لا فرق بين شعوبهم، ولا تناحر بين طوائفهم، ولا جهالة تصور الشيعي للسني، أو
السني للشيعي، عدوا يظن به الظنون ويخافه على دينه وعقيدتة، ويتحفظ فيما يقرأ له
من كتاب، أو ينقل عنه من رأي.
قال مطهري: صدقت.. فالتنازع والتقاطع
مفسد للبيوت والأسر، مهلك للشعوب والأمم، مبدد للأموال والثروات، ذلك أنه إذا دب
الخلاف، واشتدت الخصومة، فسدت النيات، وتغيرت القلوب، وتدابرت الأجساد، فوقعت
الحالقة التي لا تحلق الشعر، ولكن