أكل ذبيحة فلان، أو قبول قضاء
فلان،لمجرد أنّه يخالفه في المذهب ثم حصروا الأئمة الّذين أوجبوا اتباعهم في
عدد معين وهكذا ضاق أفق الاتباع والأشياع مما اتسع له أفق المتبوعين.
قال شكيب: لقد توقفت عند مقالة في
الموضوع نشرها الأديب البارع والعالم الفذ الشيخ محمّد الغزالي تحت عنوان (على
أوائل الطريق)، استهلها بكلام للمستشرق المجري جولد تسيهر ذكر فيه أن الملك (نادر
شاه)
(المتوفى سنة 1747
م) سعى جادا كي يعقد مع الأتراك صلحا ينقي الجو بين الشيعة والسنة، ويضع حد
للخلاف القائم بين الفريقين.
ووضع لذلك مشروعا جيداً كاد يخرج إلى حيز
التنفيذ، لولا أن المنية عاجلته فمات دون أن تتحقق أمنيته وقد أشارات كتابات
الفقيه السني عبد الله بن حسين السويدي، الذي كان معاصرا لتلك الفترة، إلى أن
نادر شاه عقد مجمعا دينيا جمع فيه فقهاء الفريقين وقد اتفق هؤلاء الفقهاء على ضم
التشيع إلى المذاهب السنية، وجعله مذهبا خامسا يقبل به المسلمون كافة، وقد صارت
من السهل بعد قليل ـ بموجب هذا الاتفاق ـ أن يخصص مقام خامس للمذهب الجعفري في
دائرة الحرم المكي بجوار مقامات المذاهب الأربعة السنية وصار لزاما منذ ذلك الوقت
الإقرار بسنية هذا المذهب.
وقد امتدح المستشرق المجري هذه الخطوة
لكنه قال: (إن حلم التوفيق بين الطرفين كان أمنية بعيدة ذلك أن الحقد المتوارث
الذي يحمله كلا الفريقين للآخر والضغائن التي شرطت فقهاء المذهبين شطرت، جعلتهم
بعد موت نادر شاه لايتصوبون سياسة التسامح والوفاق)
لقد علق الشيخ الغزالي على ما كتبه جولد
تسهير قائلا: (لقد أحسست وخزاً في فؤادي وأنا أقرأ كلمة الإسلام الشيعي والإسلامي
السني، التي ترددت على لسان المستشرق المجري مرارا، وأتساءل: ما الذي حدث حتّى
نكب الإسلام بهذه الفرقة؟)، وفي رده قال: (الحقيقة أن هناك أناسا لا يتقون الله
في دينهم ولا في أمتهم، أطلقوا غيوما داكنة من الإشاعات والظنون،