بعد مرتبة (العبادات) وجدت مرتبة (الأخلاق)، فسألته عنها، فقال: إن
من عرفته بالله، وعلمته كيف يعبد الله لن يصعب عليك أن تدعوه لمكارم الأخلاق..
قلت: لم.. ولم لم نبدأ بالدعوة لمكارم الأخلاق؟
قال: إن الأخلاق بجميع فروعها تستدعي قوة إيمانية عالية.. لأنها
تستدعي ثبات داعي الحق أمام داعي الهوى.. ولا يمكن لداعي الهوى أن يدحر ويهزم إلا
إذا قاومه داعي الإيمان.
قلت: ولكني أرى على البعض ـ رغم عدم تدينه ـ من الأخلاق ما ليس
للمتدينين؟
قال: صدقت.. هناك من فطر على كثير من الأخلاق الطيبة، أو ربي عليها،
وقد قال a في هذا لبعض أصحابه:(إن فيك
خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة)[1].. ومثل ذلك أخبر a عن معادن الناس، فقال:(تجدون الناس معادن: خيارهم في
الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، وتجدون خيار الناس في هذا الشأن أشدهم له
كراهيةً، وتجدون شر الناس ذا الوجهين، الذي يأتي هؤلاء بوجهٍ، وهؤلاء بوجهٍ)[2]
قلت: إن هذه النصوص تقضي على ما ذكرت من الدعوة للأخلاق.. فالأخلاق
شيء فطري لا يحتاج إلى التكلف للدعوة إليها؟