قال: إن قولك هذا يشبه قول من يقول: إن الصحة شيء فطري.. ولا حاجة
للأطباء.. أترى هذا القول مستقيما؟
قلت: لا.. فقد يمرض الصحيح، وقد يصح المريض.
قال: فكذلك الأخلاق.. فقد ينحرف صاحب الخلق الطيب، وقد يعتدل صاحب
الخلق الخبيث..
قلت: فما الذي يرجح الطيبة أو الخبث؟
قال: الدعوة.. الدعوة إلى السلوك الطيب تنشر الطيبة.. والدعوة إلى
السلوك الخبيث تنشر الخبث..
قلت: أهذه سنة رسول الله a؟
قال: أجل.. بل إن النبي a أخبر أن من أساسيات دعوته الدعوة إلى مكارم الأخلاق، فقال:(إنما
بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)[1]..
وكان يربي أمته على هذا.. فهو a يعرف البر ـ الذي هو جامع خصال الخير ـ
بأنه حسن الخلق، فقد روي أن رجلا سأل رسول الله a عن البر والإثم فقال: (البر حسن الخلق،
والإثم: ما حاك في نفسك، وكرهت أن يطلع عليه الناس)[2]
وبما أن كل مؤمن يود أن يثقل ميزان حسناته يوم القيامة، فقد أخبر a أنه (ما من شيءٍ أثقل في ميزان المؤمن
يوم القيامة من حسن الخلق، وإن الله يبغض الفاحش البذي)[3]
وبما أن كل مؤمن يود أن يدخل الجنة، فقد أخبر a عن دور الخلق الحسن في ذلك.. فقد سئل
رسول الله a عن أكثر ما يدخل الناس الجنة؟
قال: تقوى الله وحسن الخلق، وسئل