قال: تقوونه بكثرة ذكر لله، والفكر فيما عند الله،
والمجالسة لأهل الله.. وتحفظونه بالبعد عن مجالسة المحجوبين، والإعراض عن وسوسة
الشياطين، وبأن تبادروا بالإنابة إلى الله تعالى، وبالصدق في الإقبال عليه.
لقد قال أبو
الربيع داعيا إلى ذلك: سيروا إلى الله عرجا ومكاسير ولا تنتظروا الصحة فإن انتظار
الصحة بطالة.. وقال ابن عطاء الله في الحكم: إحالتك العمل على وجود الفراغ من
رعونات النفوس.
قالوا: فبم
نبدأ لنصدق في إرادتنا؟
قال: أول شيء
يبدأ به المريد الصادق في طريق الله تصحيح التوبة إلى الله تعالى من جميع الذنوب،
وإن كان عليه شيء من المظالم لأحد من الخلق فليبادر بأدائها إلى أربابها إن أمكن
وإلا فيطلب الإحلال منهم، فإن الذي تكون ذمـته مرتهنة بحقوق الخلق لا يمكنه السير
إلى الحق.
وليكن المريد
على الدوام في غاية من الاعتراف بالتقصير عن القيام بما يجب عليه من حق ربه، ومتى
حزن على تقصيره وانكسر قلبه من أجله فليعـلم أن الله عنده إذ يقول سبحانه: أنا عند
المنكسرة قلوبهم من أجلي.
وعلى المريد
أن يحترز من أصغر الذنوب فضلا عن أكبرها أشد من احترازه من تناول السم القاتل،
ويكون خوفه لو ارتكب شيئا منها أعظم من خوفه لو أكل السم، وذلك لأن المعاصي تعمل
في القلوب عمل السم في الأجسام، والقلب أعز على المؤمن من جسمه بل رأس مال المريد
حفظ قلبه وعمارته.
وعلى المريد
أن يجتهد في حفظ قلبه من الوساوس والآفات والخواطر الردية، وليـقم على باب قلبه
حاجبا من المراقبة يمنعها من الدخول إليه فإنها إن دخلته أفسدته، ويعـسر بعد ذلك
إخراجها منه.