فيا عجبا هل أنت مخلوقة للدنيا فحسب، حتى تبذلي كل
وقتك لها؟. تأملي!! إنك لا تبلغين أصغر عصفور من حيث القدرة على تدارك لوازم
الحياة الدنيا رغم أنك أرقى من جميع الحيوانات فطرة..
بعد أن قال
هذا التفت إلينا، فرآنا متعجبين من حاله، فقال: ما بالكم.. أرى العجب في وجوهكم.
قال رجل منا:
وكيف لا نعجب ونحن نراك تتحدث مع نفسك كما يتحدث المجانين.
ابتسم
المحاسبي، وقال: بل المجنون من لم يتحدث مع نفسه ليحاسبها.. ألا ترون كيف يحاسب
التاجر نفسه ليبحث في ربحه وخسارته؟
ألم تسمع
قوله a : (من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إنّ
سلعة اللّه غالية، ألا إنّ سلعة اللّه الجنّة)[1]؟
قال الرجل:
بلى.. فما فيها مما نحن فيه؟
قال[2]: إن هذه النصوص المقدسة تطلب من المؤمنين أن يحرصوا على الربح والفلاح
كما يحرص التجار.. فكما أن مطالب المتعاملين في التجارات المشتركين في البضائع عند
المحاسبة سلامة الربح، وكما أن التاجر يستعين بشريكه فيسلم إليه المال حتى
[1]
رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن غريب.. ورواه الحاكم وصححه.
[2]
النص الوارد هنا من الإحياء بالتصرف الذي ألفناه في هذه السلسلة.