قال المكي:
ألم يكن قومك يذكرون شدة غضب الأكابر في معرض المدح بالشجاعة؟
قال الرجل:
بلى.. ذلك صحيحا، وقد كنا نمتلئ بهم إعجابا لذلك.
قال المكي: فلذلك
يعالج هذا الحال بعكس ذلك.. وذلك بأن تتلى حكايات أهل الحلم والعفو وما استحسن
منهم من كظم الغيظ، فإن ذلك منقول عن الأنبياء والأولياء والحكماء والعلماء وأكابر
الملوك الفضلاء، وضد ذلك منقول عن الجهلة والأغبياء الذين لا عقول لهم ولا فضل
فيهم.
قال الرجل: فهلا
حكيت لنا من ذلك ما يخمد نيران الغضب في قلوبنا.
قال المكي:
لك ذلك.. وأولهم رسول الله a أشرف خلق الله..
وقد روي في أخبار حلمه ما لا تطيقه الرجال:
لقد تمكن a من
أعدائه الذين صبوا عليه وأصحابه جميع أنواع العذاب، وسلبوا أموالهم، وديارهم،
وأجلوهم عن بلادهم، لكنه a قابل كل تلك الإساءات بالعفو والصفح
والحلم قائلاً: (يا معشر قريش، ما ترون أني فاعل بكم؟)، قالوا: خيرًا، أخ كريم
وابن أخ كريم، فقال a:( اذهبوا فأنتم الطلقاء )
لقد أنزل
الله عليه: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ
وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ﴾ (النحل:126)، فاختار أن
يعفو عنهم ويصبر على ما كان منهم، وأن لا يعاقب فقال: (نصبر ولا نعاقب)
حدث جابر أنه
غزا مع رسول الله a، فلما قفل معه أدركتهم القائلة في في واد
كثير العضاة فنزل رسول الله a وتفرق الناس يستظلون بالشجر، ونزل رسول
الله a تحت سمرة فعلق سيفه، ونمنا نومة،
فإذارسول الله a يدعونا، وإذا عنده أعرابي، فقال: (إن هذا