لمطل، وقد كان لي بمخالطتكم علم، فقال عمر: أي عدو
الله، أتقول لرسول الله a ما أسمع؟ فوالله لولا ما أحاذر فوته
لضربت بسيفي رأسك، ورسول الله a ينظر إلى عمر في سكون، وتؤدة، وتبسم، ثم
قال: (أنا وهو كنا أحوج إلى غير هذا منك يا عمر، تأمرني بحسن الأداء، وتأمره بحسن
التباعة، اذهب يا عمر فاقضه حقه، وزده عشرين صاعا، مكان ما رعته)، ففعل عمر، فقلت:
يا عمر، كل علامات النبوة قد عرفتها في وجه رسول الله a
إلا اثنتين لم أخبر هما منه، يسبق حلمه جهله، ولا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلما،
فقد خبرتهما، فأشهدك أني رضيت بالله تعالى ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد a نبيا[1].
وعن عائشة
قالت: ابتاع رسول الله a جزورا من أعرابي بوسق من تمر الذخيرة،
فجاء منزله، فالتمس التمر، فلم يجده، فخرج إلى الأعرابي فقال: (عبد الله، إنا قد
ابتعنا منك جزورك هذا بوسق، من تمر الذخيرة، ونحن نرى أن عندنا، فلم نجده) فقال:
الأعرابي: واغدراه واغدراه، فوكزه الناس وقالوا: إلى رسول الله a تقول هذا؟ فقال: (دعوه، فإن لصاحب الحق مقالا) فردد
ذلك رسول الله a مرتين أو ثلاثا، فلما رآه لا يفقه عنه
قال لرجل من أصحابه: (اذهب إلى خولة بنت حكيم بن أمية فقل لها رسول الله a يقول لك إن كان عندك وسق من تمر الذخيرة فسلفينا حتى
نؤديه إليك إن شاء الله تعالى) فذهب إليها الرجل، ثم رجع قال: قالت: نعم هو عندنا
يا رسول الله، فابعث من يقبضه، فقال رسول الله a
للرجل: (اذهب فأوفه الذي له) فذهب، فأوفاه الذي له، قال فمر الأعرابي برسول الله a، وهو جالس في أصحابه، فقال: جزاك الله خيرا، فقد
أوفيت وأطيبت، فقال رسول الله a: (أولئك خيار الناس الموفون المطيبون)[2]
وعنها قالت
لرسول اللّه a: يا رسول اللّه! هل أتى عليك يوم كان أشدّ من يوم
أحد؟.