وهو يخبر أن سبب تلك الموالاة هي خلو القلب من
الإيمان الحقيقي الممتلئ بالحب لله، قال تعالى:﴿ وَلَوْ
كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا
اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (81)﴾
(المائدة)
أو أن سببها
هو الغفلة عن الله، قال تعالى :﴿ اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ
رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ
(3)﴾ (الأعراف)
وهذا الجهل
بالله هو الذي جعلها تعتقد العزة في أعداء الله، قال تعالى:﴿ الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ
أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ
فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً (139)﴾ (النساء)
ولذلك ينفي
أي منفعة يمكن انتظارها من أعداء الله، قال تعالى:﴿ إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَإِنَّ
الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ
(19)﴾ (الجاثـية)
والقرآن
الكريم يرسم الصورة التي يضعها المؤمن في ذهنه ليتعامل على أساسها مع أعداء الله،
وما يرتكبونه من الجرائم، ليكون ذلك محركا لقلب المؤمن لمعاداة أعداء الله،
فالموالاة في الله، كمعاداة أعداء الله، كلاهما دليل الحب لله، قال تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا
تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ
بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ
الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ
خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ
وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ
مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1)﴾ (الممتحنة)
قال مسكويه:
صدق الله العظيم.. والشأن ليس فيما قرأت، وإنما فيما فهمت.. فما فهمت من هذه
النصوص؟
قال الرجل:
فهمت منها دعوتها للبغض في الله.. فكما أننا نحب في الله، فكذلك نبغض في الله.